أدب النسيان - لويس هايد
أدب النسيان - لويس هايد
منذ سنوات عديدة، بينما كنت أقرأ عن الثقافات الشفوية القديمة، حيث كانت الحكمة والتاريخ يعيشان في الألسن بدلًا من الكتب، أثارت فضولي ملاحظة قصيرة. قرأت حينئذ أن المجتمعات الشفوية تحافظ على توازنها من خلال التخلص من الذكريات التي لم تعد لها أهمية حالية.
كان اهتمامي في ذلك الوقت منصبًا على الذاكرة نفسها، وعلى الطرق القيّمة التي يلجأ إليها الناس والثقافات في الاحتفاظ بالماضي في الذاكرة، ووجدت أن هذه الملاحظة كانت مناقضة لما كانت مهتمًا به، واستثارت رغبتي الفطرية في معارضة الأشياء، فبدأت في جمع قصاصات من حالات أخرى تثبت أن التخلي عن الماضي مفيد أيضًا، مثل الاحتفاظ به.
اتضح لي أن هذا الكتاب، الذي نتج أخيرًا عن هذه المقتطفات، هو عبارة عن تجربة في كل من الفكر والشكل. بالنسبة للتجربة الفكرية، فهي تسعى إلى اختبار فرضية أنه يمكن للنسيان أن يكون أكثر فائدة من الذاكرة، أو أن الذاكرة تعمل بشكل أفضل بالتوازي مع النسيان. ولست أقصد طبعًا أن تمجيد النسيان يعني معاداة الذاكرة، أحيانًا، لابد أن تفضي أي تجربة جديرة بالإجراء عن نتائج وكذلك هو حال التجربة التي أجريتها. ومثلما فعلت أنا، لا شك في أنه سوف يتوقف القراء عن بعض الحالات ليقولوا: "كلا، علينا أن نتذكر هذا الأمر." المفارقة هنا هي أن التحريض على مقاومة النسيان في حد ذاته يسلط الضوء على أحد وظائف النسي
ان.